Posts Tagged ‘إبراهيم الجوهرى’

المعلم إبراهيم الجوهرى

23 مارس 2012

Coloring Picture of Saint  Ibrahim Elgohary

صورة تلوين للمعلم إبراهيم الجوهرى

نشأته:

المعلم إبراهيم الجوهرى هو رجل عصامي نشأ في القرن الثامن عشر من أبوين متواضعين فقيرين تقيين، والده يسمى يوسف الجوهري كان يعمل خياطاً فى قليوب. تعلم في كتّاب بلده الكتابة والحساب وأتقنهما منذ حداثته لذكائه الشديد، فكان يقوم بنسخ بعض الكتب الدينية ويقدمها للبابا يؤانس الثامن عشر (البابا 107). كان ينفق ربع راتبه في أعمال أكبر ونسخ الكتب وإيقافها على الكنائس فسرّ البابا من غيرته وتقواه وقربه إليه، وكان يقول له: “ليرفع الرب اسمك، ويبارك عملك، وليقم ذكراك إلى الأبد”. بدأ عمله ككاتب لدى أحد أمراء المماليك، توسط له البابا لدى المعلم رزق رئيس كتّاب علي بك الكبير، فأتخذه كاتبًا خاصًا له، واستمر في هذه الوظيفة إلى آخر أيام علي بك الكبير الذي ألحقه بخدمته، ولما تولى محمد بك أبو الذهب مشيخة البلد اعتزل المعلم رزق من رئاسة الديوان وحلّ المعلم إبراهيم محله، فبدأ نجمه يتألق في مصر، حتى صار رئيس كتاب القطر المصري في عهد إبراهيم بك، وهي تعادل رتبة رئاسة الوزارة حاليًا. هذا المركز زاده وداعة واتضاعًا وسخاءً فاجتذب القلوب إليه.

خدمته

لم يلهى المال والغنى المعلم إبراهيم عن فعل الخير وإرضاء الرب فأشتهر المعلم بحبه الشديد لتعمير الكنائس والأديرة و العناية بفقراء الأقباط كأنه كان مسئول عنهم فقط ومن امثله ذلك اشياء كثيره منها.

• تمكَّن من استصدار الفتاوى الشرعية بالسماح للأقباط بالسماح بإعادة ما تهدم من الكنائس والأديرة، وأوقف الأملاك الكثيرة والأراضى والأموال لإصلاح ما خرب منها وقد بلغت حجج تلك الأملاك 238 حجة مدونة في كشف قديم محفوظ بالدار البطريركية.

• اشتهر بنسخ الكتب الثمينة النادرة، واهدائها لجميع الكنائس والأديرة، فلا تخلو كنيسة من كتبه وآثاره. أول من سـعى في إقامـة الكنيسـة المرقسية الكبرى بالأزبكـية، وكان مُحرَّمـاً على الأقباط في الأزمنة الغابرة أن يشيِّدوا كنائس جديدة أو يقوموا بإصلاح القديم منها، إلا بإذن من الهيئة الحاكمة، فحدث أن إحدى الأميرات قَدُمَت من الاستانة إلى مصر لقضاء مناسك الحج، فباشر المعلم إبراهيم بنفسه أداء الخدمات اللائقة بمقام هذه الأميرة، وأدى لها الواجبات اللازمة لراحتها وضيافتها وقدَّم لها هدايا نفيسة، فأرادت مكافأته وإظهار اسمه لدى السلطان فالتمس منها السعي لإصدار فرمان سلطاني بالترخيص له ببناء كنيسة بالأزبكية، حيث يوجد محل سكنه، كما قدم لها بعض الطلبات الأخرى الخاصة بالأكليروس , فأصدر السلطان أمراً بذلك , وإلتمس منها أشياء أخرى منها رفع الجزية عن الرهبان وأشياء أخرى , وبعد ذلك أشترى المعلم إبراهيم جوهرى محلات وهدمها وبدأ البناء فيها ووضع الأساسات فى قطعة كبيرة من الأرض التى إمتلكها ولكنه تنيح قبل الشروع فى بناء الكنيسة فأتمها أخوه المعلم جرجس الجوهرى وأصبحت المقر الباباوى حينما قرر البابا مرقس الثامن (1796 م – 1809 م) أن تصبح هذه الكاتدرائية الكبرى المرقسية الكبرى بالأزبكية وبنى بجوارها المقر الباباوى وكانت قبلاً فى كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم , وفى يوم الأحد 5 توت سنة 1517 للشهداء التى توافق 1800م قام البابا مرقس الثامن بتدشين الكنيسة المرقسية الكبرى فى الأزبكية ومعه ومعه جمع من الآباء الأساقفة والكهنة والشعب

• حدث أن المعلم إبراهيم جوهرى كان يوماً يصلى فى كنيسة أبى سيفين بحارة زويلة فأرسل شخصاً إلى القمص إبراهيم عصفور كاهن كنيسة القلاية (المقر الباباوى) يقول له : المعلم إبراهيم يطلب منك الإسراع فى الصلاة ليتمكن من اللحاق لعمله ” فرد عليه القمص بصوت مسموع : ” المعلم فى السماء والكنيسة للرب وليست لأحد فإن لم يعجبه فليبن كنيسة أخرى ” وبدلا من أن يغيظه هذا الكلام سر منه وأبتهج وقام المعلم إبراهيم جوهرى بإنشاء كنيسة صغرى بأسم الشهيد مرقوريوس أبى سيفين بجوار كنيسة العذراء الكبرى بحارة زويلة , وخصصت الكنيسة الصغرى للموظفين الذين يعملون فى الحكومة من حضور القداس معه فيها , بما يتفق ومواعيد العمل فى مصالحهم وكان ميعاد القداس مبكراً يوم الأحد وبعد بنائها قال له القمص : ” أسجد للرب شاكراً الذى وجه غضبك لبناء كنيسة أخرى فزادت بها ميزان حسناتك وكنت أنا السبب ” . وباب هذه الكنيسة من الناحية البحرية وبابها فى الخورس الأخير من صحن كنيسة العذراء , وتوجد لوحه صغيرة على بابها مكتوب ما يلى :- كنيسة الشهيد العظيم مرقوريوس أبى سيفين أنشأها طيب الذكر المرحوم المعلم إبراهيم جوهرى سنة 1490 ش 1774 م فى عهد خالد الذكر البابا يؤنس البطريرك 107 مساحة صحن الكنيسة 13,5 م من بحرى إلى قبلى – 8 م من غرب إلى شرق حتى حجاب الهيكل , وفى صحن الكنيسة 7 أعمدة رخامية تيجانها متقنه الصنع جميلة الشكل , كما يوجد أنبل خشبى صغير يقع فى الوسط من الناحية البحرية , وموضوع فاصل خشبى ليفصل بين الرجال والسيدات يبدأ من جوار الأنبل أثناء الصلاة بالكنيسة. وكما كان سقف الكنائس القديمة فى العادة من الخشب بنيت سقف هذه الكنيسة على هيئة نصف برميل مستطيل من الطراز البازيليكى أما هيكل الكنيسة فبنى عليه قبة مستديرة. وزينت الكنيسة بالقناديل والأيقونات الأثرية الجميلة , وعلى شمال الهيكل معمودية أثرية ثمينة رخامية جميلة . أما حجاب الهيكل فهو من الخشب المخروط المعشق ومطعم بصلبان يدخلها نقوش من العاج جميلة . وفى داخل الهيكل المذبح مقام على أربع أعمدة رخامية صغيرة ويعلوا المذبح الرخامى قبة من الخشب مقامة على أربع أعمدة من الرخام . أما فى شرق الهيكل غطى جزء من حوائطة مغطى بالرخام الجميل , وبالهيكل باب صغير يؤدى إلى المعمودية يستعمل لتناول السيدات , وما زالت تقام الصلوات فى هذه الكنيسة حتى الآن . قدم إبراهيم جوهرى مقصورة ضخمة فخمة لكنيسة الشهيد مارمينا بفم الخليج لكى يحفظ فيها جسده الشهيد وبأعلاه أيقونه جميلة للشهيد مارمينا وكتوب عليها بالخط البارز : ” أذكر يارب المهتم بهذه المقصورة المعلم إبراهيم جوهرى ” كما توجد فى نفس الكنيسة بعض الأيقونات التى قدمها وكتوب عليها أسمه وتعتبر اثرية اليوم .

بناءه للسور البحرى فى دير الأنبا أنطونيوس.. فى سنة 1499ش التى توافق 1782 م بنى المعلم إبراهيم جوهرى السور البحرى كله وفى سنة 1783 م حفر ساقية فى دير الأنبا أنطونيوس وبعد أن أنهى ببناء هذا السور من القبلى والغربى فى سنة 1498 ش , وما زال هذا السور يعرف بأسم سور الجوهرى . وكان الآباء الرهبان يستخدمون هذه الساقية فى إدخال الزوار وإحتياجاتهم إلى داخل الدير , أما الآن فقد بطل إستعمال الساقية بعد أن فتحوا باباً كبيراً فى السور ولكنها ما زالت موجودة كأثرا تجذب قصة أنشاءها وطريقة عملها وأغراض إستخدامها زوار الدير من الأقباط والأجانب . وفى سنة 1508 ش التى توافق 1792 م جدد مبانى كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم . كما شيد كنيسة الشهيد أبى سيفين بدير الأنبا بولا فى الجبل الشرقى وما زالت هذه الكنيسة قائمة حتى هذا اليوم فوق كنيسة القديس الأنبا بولا . وقام بتشييد كنيسة فى دير البراموس على أسم أنبا ابللو والأنبا أبيب ( ولكنها هدمت فى سنة 1881 م لتوسيع كنيسة مار يوحنا ) .. قام ببناء قصر السيدة فى دير البراموس .. , أضاف إلى دير البراموس خارجه من الجهة القبلية , وبنى حولها سوراً وبلغت مساحتها 2400 متراً مربعاً .

وفى سنة 1773 م شيد المعلم إبراهيم جوهرى فى دير القديس مكاريوس كنيسة بأسم 49 شهيداً شيوخ برية شهيت فى الناحية الغربية من الدير, وبنى فى داخل الكنيسة مقبرة للشيوخ الشهداء ونقلت أجسادهم من المغارة التى كانوا فيها خارج الدير , وبنى فى الناحية الشرقية من الكنيسة منارة صغيرة مخصصة للجرس تميزت شكل بنائها بالطراز القبطى الصميم . وفى دير السريان بنى أبراهيم جوهرى سوراً عال من الناحية الغربية وتقع هذه الأرض غرب الحصن وكانت هذه الأرض تسمى ( الحطابة) لأنه كان يوضع فيها الحطب اللازم للمطبخ والمخبز – كما كان فى الأرض الذى أحاطها طافوس الدير أى المقبرة التى يدفن فيها ألاباء من الرهبان بعد نياحتهم وبنى قصر آخر فى السريان .

وقال الأمير عمر طوسون : ” يوجد بدير السريان مخطوط تكريس الكنائس باللغة القبطية فقط مكتوب بأدلة : عمارة الأديرة بمعرفة المعلم إبراهيم جوهرى سنة 1498 ش 1782 كانت عمارة فى الديرة من المعلم إبراهيم جوهرى وبنيت كنيسة مستجدة على إسم القديسين أنبا أبوللو وأنبا أبيب فى دير البراموس كما بنى قصر دير البراموس وقصر دير السريان على يد كاتبه أنبا يوساب أسقف أورشليم ورياسة القمص منقريوس ” ” كنيسة الملاك ميخائيل بالقصر القديم بدير السريان بناها المعلم إبراهيم حوهرى بعد تجديد ما تهدم من ذلك القصر وكذلك دير براموس سنة 1782 م بحضور الأنبا يوساب أسقف القيامة (أورشليم) الذى كان مشرفاً على العمارة بدير السريان , وكان قد حدث أن رهباتن دير البراموس توجهوا إلى المعلم إبراهيم جوهرى وأعلموا أن القصر الثديم قد تهدم وطلبوا منه أم يهتم بترميمه فقبل طلبهم بفرح وكلب من الأنبا يوساب أسقف القيامة أن يشرف على هذا العمل وأعطاه المال اللازم والغلال وكل الإحتياجات , فتوجه الأنبا يوساب ومعه البناؤون والفعلة إلى الدير ومكثوا به خمسة أشهر وأصلحوا ما تهدم من القصر وبنو فيه كنيسة على أسم الملاك ميخائيل كعادة باقى الأديرة , ثم أرسل الأنبا يوساب إلى المعلم إبراهيم جوهرى يبدى رغبته فى بناء كنيسة بالدير على أسم القديسين أبيب وأبوللو حيث لهما مقبرة هناك فأرسل له المعلم إبراهيم يبدى سروره وموافقته على ذلك , فبنيت الكنيسة وكرزها الأنبا يوساب فى 30 أمشير سنة 1489 ش التى توافق 1773 م . ” وفى دير الأنبا بيشوى رمم وجدد المعلم أبراهيم جوهرى كنيسة الملاك ميخائيا بأعلى القصر القديم ( الحصن) , وموجود بأعلى هيكل الكنيسة كتابة مسجل عليها أن المهتم بترميمها هو المعلم إبراهيم جوهرى سنة 1498 ش التى توافق 1782 م

ولم نتمكن من حصر الكنائس الكثيرة التى عمرها فى البرارى وببناء الأديرة وإهتمامه بالرهبان الساكنين فيها , كما فرق القرابين , والشموع والزيت والستور وغيرها من الإحتياجات وما زالت بعض خطابات المعلم إبراهيم جوهرى المرسلة مع هذه الأشياء وإحتياجات الأديرة محفوظة بمكتبات الأديرة , ومسجل فى هذه الخطابات أصناف وكميات المواد المرسلة وفيها يطلب صلواتهم , وأسفل هذه الرسائل توقيع المعلم إبراهيم جوهرى وختمه بخاتمه وما زال حتى هذا اليوم كمية من الترمس بقايا الترمس الذى أرسله المعلم إبراهيم جوهرى .اشتهر بنسخ الكتب النادرة وإهدائها إلى جميع الكنائس والأديرة , فلا تكاد تخلو كنيسة من كتبه وآثاره

• سنة 1499 ش (1783م). بَنى السور البحري جميعه وحفر ساقية لدير كوكب البرية القديس أنطونيوس بعد أن أهتم ببناء هذا السور من القبلي والغربي في سنة 1498 ش، ويعرف إلى الآن باسم سور الجوهري. • قام أيضاً بتجديد مباني كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم في سنة 1508 ش (1792م) وشيَّد كنيسة أبي سيفين بدير أنبا بولا في الجبل الشرقى، وشيَّد بدير البرامـوس كنيسـة أنبا أبللـو وأنبا أبيـب (ولكنها هُدمت في سنة 1881م لتوسيع كنيسة مار يوحنا) وقصر السـيدة بالبراموس وقصر السيدة بالسريان، وأضاف إلى دير البراموس خارجة من الجهة القبلية، وبنى حولها سوراً وبلغت مساحتها 2400 متراً مربعاً.

وبالاختصار بنى كنائس كثيرة وعمَّر البراري وبنى الأديرة واهتم بالرهبان الساكنين فيها، وفرق القرابين، وأيضاً الشموع والزيت والستور وكتب البِيِعة على كل كنيسة، في أنحاء القطر المصري، ووزع الصداقات على جميع الفقراء والمساكين في كل موضع، واهتم لهم بالطعام والكسوة، وكذا الأرامل واليتامى الذين ليس لهم من يهتم بهم، ورتب لهم في كل شهر ما يقوم بكفياتهم، وذلك حسب ما شهد له به ابن الابحّ في مرثية البابا يوأنس البطريرك (107): ” وظل على هذه الحال إلى أن انتقل إلى دار الخلود في يوم الاثنين 25 بشنس سنة 1511ش (31 مايو سنة 1795م) فحزن عليه الجميع كما أسف على وفاته أمير البلاد ‘إبراهيم بك، فسار في جنازته إكراماً له وتقديراً منه لمقامه السامي، ورثاه البابا يوأنس الذي كان يخصه بعظيم محبته وقد دُفِنَ في المقبرة الخاصة التي بناها لنفسه بجوار كنيسة مارجرجس بمصر القديمة”.

تجهيز وإعداد الميرون : قام بتجهيز أصناف الميرون ومواده على حسابه الخاص وأرسلها بصحبة أخيه المعلم جرجس للبابا البطريرك يؤنس الثامن بالقلاية البطريركية بحارة الروم .

تجاربه:

كان له ابن يدعى يوسف وابنة تسمى دميانة، مات الأول بعد ما أعد له منزلاً بكل إمكانياته ليزوجه…. فكانت نفس الوالدين مرة للغاية حتى سمّر الرجل الباب بمسامير وكسر السلم كي لا يدخل أحد البيت، لكن تحولت المرارة إلى حب شديد لمساعدة الأرامل والأيتام وتعزية كل حزين أو منكوب. وقد ظهر القديس أنبا أنطونيوس لزوجته كما له في نفس الليلة وعزاهما. حدث انقلاب في نظام الحكم فى مصر عندما حضر إلى مصر حسن باشا قبطان من قبل الباب العالي فقاتل إبراهيم بك شيخ البلد ومراد بك واضطرا إلى الهروب إلى أعالي الصعيد ومعهما إبراهيم الجوهري وبعض الأمراء وكتّابهم…. فنهب قبطان باشا قصور البكوات والأمراء والمشايخ واضطهد المسيحيين، وقام بسلب ممتلكات المعلم إبراهيم وعائلته وكل ما قد أوقفه على الكنائس والأديرة. اضطرت زوجته إلى الاختفاء في بيت حسن أغا كتخدا علي بك، لكن البعض دلّ الباشا عليها، فاستحضرها وأقرت بكل ممتلكاتهما، كما استحضر أيضاً ابنتها دميانة التي طلبت من الباشا مهلة، جمعت فيها بعض الفقراء وقالت له: “أن أموال أبي في بطون هؤلاء وعلى أجسامهم”…. ويبدو أن الباشا تأثر لذلك إلى حد ما فلم يبطش بها. عاد إبراهيم بك ومراد بك ومعهما المعلم إبراهيم إلى القاهرة في 7 أغسطس 1791، وكان المعلم إبراهيم محبوبًا من السلطات جدًا ومن الشعب حتى دُعي “سلطان القبط” كما جاء في نقش قديم على حامل الأيقونات لأحد هياكل كنائس دير الأنبا بولا بالجبل الشرقي، وأيضًا في كتابه بقطمارس محفوظ بنفس الدير. قال عنه الجبرتي المؤرخ الشهير: “إنه أدرك بمصر من العظمة ونفاذ الكلمة وعظيم الصيت والشهرة، مع طول المدة بمصر ما لم يسبق من أبناء جنسه، وكان هو المشار إليه في الكليات والجزئيات، وكان من دهاقين العالم ودهاتهم لا يغرب عن ذهنه شيء من دقائق الأمور، ويداري كل إنسان بما يليق به من المداراة، ويفعل بما يوجب من انجذاب القلوب والمحبة إليه، وعند دخول شهر رمضان كان يرسل إلى غالب أرباب المظاهر ومن دونهم الشموع والهدايا، وعمرت في أيامه الكنائس والأديرة، وأوقف عليها الأوقاف الجليلة، والأطيان، ورتب لها المرتبات العظيمة والأرزاق الدائرة والغلال”. قال عنه الأنبا يوساب الشهير بابن الأبح أسقف جرجا وأخميم إنه كان محبًا لكل الطوائف، يسالم الكل، ويحب الجميع، ويقضي حاجات الكافة ولا يميز أحدًا عن الآخر في قضاء الحق. خلال علاقاته الطيبة مع السلاطين في مصر والأستانة كان يستصدر فرمانات خاصة ببناء الكنائس وإصلاحها. كما قدم الكثير من أمواله أوقافًا للكنائس والأديرة، واهتم بنسخ الكثير من الكتب الدينية على حسابه لتقديمها للكنائس.

وداعته:

قيل أن أخاه المعلم جرجس الجوهرى جاءه يوماً يشتكي له من بعض الشبان إنهم أهانوه في الطريق لأنه مسيحى ، سائلاً إياه أن يتصرف خلال سلطانه، فقال له أنه سيقطع ألسنتهم…. وفي اليوم التالي إذ كان أخوه يسير في نفس الطريق وجد الشبان يحبونه ويكرمونه جدًا. فلما سأل أخاه عما فعله معهم، أجاب أنه أرسل لهم عطايا وخيرات قطعت ألسنتهم عن الشر.

حبه لخدمة الآخرين:

عاد المعلم إبراهيم بعد قداس عيد القيامة المجيد ليجد أنوار بيته مطفأة كلها، وإذ سأل زوجته عن السبب أجابته: “كيف نستطيع أن نبتهج بالنور، ونعّيد عيد النور المنبثق من القبر الفارغ وقد حضرت عندي في المساء زوجة قبطي سجين هي وأولادها في حاجة إلى الكسوة والطعام؟! وقد ساعدني الله، فذهبت إلى زوجة المعلم فانوس الذي نجح في استصدار الأمر بإطلاق سراحه”. فذهب المعلم إبراهيم وأحضر الرجل وزوجته وأولاده إلى بيته لكي يضيء الأنوار ويبتهج الكل بالعيد أما ما هو أعجب فإن هذا السجين الذي أكرمه المعلم في بيته إذ قدم له عملاً، قال للمعلم بأن هناك صديق له هو أولى منه بهذه الوظيفة وأكثر منه احتياجًا، ففرح المعلم إبراهيم باتساع قلب هذا الرجل ومحبته، وقدم عملاً لصديقه.

كما كان يساعد التجار المسيحيين فى اوقات ضيقاتهم وخسارتهم ويساعدهم فى حل مشاكلهم.

محبة غالبة للموت:

انتقل المعلم إبراهيم في 25 بشنس سنة 1511 الموافق 31 مايو 1795، فحزن عليه أمير البلاد إبراهيم بك الذي كان يعزه جدًا، وقد سار في جنازته، ورثاه البابا يؤانس. لم تنته حياته بموته فقد قيل أن رجلاً فقيرًا اعتاد أن يأتيه (ربما من بلد أخرى) بطريقة دورية يطلب معونة، وإذ جاء كعادته وبلغ داره عرف إنه تنيح فحزن جدًا. سأل عن مقبرته، وانطلق إليها يبكي ذاك السخي بمرارة، حتى نام من شدة الحزن، وظهر له المعلم إبراهيم يقول له: “لا تبكِ، أنا لي في ذمة (فلان الزيات ببولاق) عشر بنادقة، فسلّم عليه مني وأطلبها منه فيعطيها لك”. إذ استيقظ الرجل خجل أن يذهب إلى المدين. بالليل ظهر له المعلم مرة أخرى في حلم وسأله أن ينفذ ذات الأمر…. لكنه أيضاً تردد في الأمر. وفي المرة الثالثة قال له: “لا تقلق، اذهب كما قلت لك، وسأخبره بأمرك”. فقام الفقير وذهب إلى الرجل دون أن ينطق بكلمة. تفرس فيه الرجل وطلب منه أن يروي له ما حدث معه. وإذ روى له ذلك، قال: “بالحق نطقت، لأن المعلم إبراهيم تراءى لي أنا أيضاً، وأبلغني بالرسالة التي أمرك بها. فإليك ما في ذمتي، وهوذا مثلها أيضاً مني”.

محبة بلا تغصُّب:

يروي لنا توفيق إسكارس في كتابه: “نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر” أن أسرة سريانية أرثوذكسية من حلب لا تزال تقيم قداسات إلهية باسم هذا الراحل، ذلك أن عائلهم وجد ضيقًا شديدًا ونُهبت أمواله في حلب فجاء إلى مصر واهتم به المعلم إبراهيم وسنده في عمل التجارة فأنجح الرب طريقه واقتنى ثروة ضخمة ورجع إلى عائلته يروي لهم ما فعله هذا القبطي به، فرأوا أن يقيموا قداسات باسمه اعترافًا بفضله.

مرسوم خلفة الكنيسة المرقسية الكبرى بالازبكية.